الثلاثاء، 9 مايو 2023

فلسفة الشبو

ما من ظاهرة لها دلالة الانتشار المريع للمخدرات، هذا السوق المزدهر يرفع الغطاء عن مستعمرات نمل يتكاثر، حول معامل للسكّر الرخيص. الضحية القادمة هي القانون ربما، سيُعدّل لتخفيف الازدحام تحت طائلة التجريم، حتى لا يخسر كرامة الإنفاذ. 


الحملات الأمنية ستفقد زخمها، لأن حماسة المزاج تفوق دواعي الإفاقة. الفضول تجاه أشكال مختلفة من الوعي رافدٌ خصب لاقتصاديات الكيف، لدى أجيال تنوء بالمطالب المتزايدة للضبط الذاتي. صار التكيف مع الواقع مضجرا، عليك أن تكون عديم الحيلة لترضخ له. المخدرات ثورة عبيد، لكن لتغيير الإدراك نفسه. تجنّبٌ للعفن باستئصال حاسة الشم !


الإدمان هرطقة، موقف من الحياة، للهروب منها عبر السلالم، لا قفزا من النافذة. مذهب، قد يفرض نفسه لاحقا، عندما يتحول المدمنون لحيوانات سنرغب في إطلاقها سراحها، حتى نتفرغ لبناء معسكرات للاحتماء منها.


#لا_للمخدرات

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2022

المخرج في الداخل

 أفكارنا عن الأشياء ليست الأشياء نفسها، هنالك فارق طالما نتخطاه، فيصبح تفكيرنا هو الواقع ذاته، حقيقيا بنفس الدرجة؛ مخيفا، مقلقا، محبطا، الخ. ثم تتلبسنا ونعيشها فعلا وتصبح واقعنا النفسي. بيد أن عملية التفكير مثل عملية الهضم تماما، تتعرض للاضطراب وتتلوث، فتفرز ما يعكر الصفو ويقود للاكتئاب، العارض أو المَرَضي. بمعنى أن الحالة النفسية تؤثر في عملية التفكير، فيكون زاخرا بكل ما يعزز تلك الحالة، ضرب من الانحياز التوكيدي، وهي ظاهرة معروفة، حيث نميل تلقائيا لكل ما يؤيد قناعاتنا السابقة، ونتفنن في الانتقاء. حالتنا النفسية المشوشة تسمم عملية التفكير كلها، وهنا علينا أن نهمل ما يقوله لنا عقلنا، لأنه في وضع من لا تُقبل شهادته الآن.

الحياة لها معنى كلي، لكنه نظري في مجمله، يطرح نفسه علينا في الأزمات الوجودية. عمليا حياتنا دائما ملموسة؛ اليوم وغدا، وما عدا ذلك توقعات وذكريات. فعلينا أن نعيشها، لأننا ببساطة أحياء، مدفوعون إليها بما يفوق إرادتنا. الحياة معنى يتفكك بمجرد تحققه في الحاضر. هي خيط قصير طرفاه أمس وغدا فقط. هذا التفكك يتمثل فيما نفعله بها، وهي مهمة تبدو كبيرة، لكن تنفيذها سهل، وهذه مفارقة !


بماذا يتفكك ؟ بكل ما نصنعه؛ فنجان قهوة، أغنية جميلة، معاملة ننجزها في العمل، نميمة، تبول، الخ. الغد أفق تطير فيها الأحلام، كما أنه مبلد بالتشاؤم، إلا أننا نقف على الأرض، وهذه هي الحقيقة الوحيدة والمهمة. عندما كنت في المتوسط، كانت المرحلة الثانوية شيئا يلمع كالسراب البعيد، أشعر أن خطواتي ستنفد قبل أن أبلغه. سأتمكن من قيادة السيارة إذا ذهبت للثانوية، سأدخن، سأكون مستقلا أكثر، الخ. عندما وصلت صارت الجامعة سرابا آخر، يستحث خطواتي، وعندما وصلت وارتديت العقال، انفتح الأفق بشكل أوسع، كانت الوظيفة قيامة المستقبل، ما بعدها إلا الجنة !


لاحظت أن كل مرحلة أبلغها لا تخلصني بتاتا من سؤال "وبعدين؟"، هذا الذي يشعرني بأن "الاستقرار" متطلب دائما، وعلى نحو لا يُطاق. أدركت لاحقا أنه ليس مرحلةً لنبلغها، بل سراب يستدرج خطواتنا فقط، أو بالأحرى شيئا ابتكرته الخطوات لتعطي حركتها الفوضوية معنى ونظام. كما عرفت بالتجربة أن الجميع مشغول بـ "وبعدين؟"، وأنه منبع كثير من الأديان والفلسفات، إذ الحياة برمّتها، ما عادت إجابة مقنعة. استنتجت أنه ليس مشكلةً أصلا، حتى نبحث لها عن حل. شعورنا به ربما يلتهب أحيانا، وهذا طبيعي وسيخف ونُشفى. وهو أقرب للفضول المتعلق بشيء غامض في طريقه إلينا، اسمه المستقبل. أتذكر قلق أول يوم في الدراسة، أهتم بأين سأجلس، بحكم أني شديد الخجل، فأتخيل وأرسم سيناريوهات لأتجنب الإحراج، وأتفادى هلع المفاجآت الذي يطن في رأسي لأيام. اتضح أنني كلما اقتربت منه تقشّع الضباب، واستطعت رسم خريطة واضحة لما عليَّ أن أفعله ولا أفعله. الخجول روبوت يتوق أن يكون إنسانا متحررا من البرمجة. ثم تبيّن أن عنصر المفاجأة هذا كان مجرد فكرة مغلوطة داخل ذهني فقط، مصدرها غموض بالغت في الخوف منه. كما أن استعدادنا له يتبلور وينتظم بطريقة تلقائية، نحن نتحول عبر الزمن، ونصبح جاهزين لما هو قادم، مهما كان. المتعبون الذين هدّهم المرض، وكبار السن، أكثر تماسكا أمام موتهم القريب. وكل صعب يهوّنُه موت سيريحنا جميعا، وتماسكنا حياله ممكن أكثر.


كأن الخوف والقلق والتشاؤم كائنات مدفوعة بغريزة البقاء، تتشبت بحياتها في أعماقنا، توحي لوعينا بمبررات حتى لا يجتاحها الفناء. ربما لهذا السبب تبتكر لنفسها أسبابا وحيثيات تبدو لوعينا منطقية، فنتخيل أن حالتنا النفسية انفعال طبيعي حيال "واقع"، والحقيقة أن الواقع مجرد أفكار اتتحلت شخصية الواقع، فيما هي نتاج حالتنا النفسية أصلا. أي أن حالتنا النفسية أفرزت تفكيرا معتلا فقط، وعلينا أن نضفي درجة من اللا اكتراث نحمي بها أعصابنا من التلف، فلا توجد تنانين، ونحن لا نعيش في عالم قيم اوف ثرونز، وكل من نحبهم ليسوا مهددين بغزو النايت ووكرز وهم في طريقهم لإسدال ستار الشتاء على العالم، وهذا كافٍ لسعادتنا في هذه الحياة. هنالك فن مهجور، فن يتعلق بأن لا تفعل شيئا حيال ما هو خارج إرادتك. إنها مشيئة الله، فلتكن.

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2020

#ظاهرة_انتحار_الحيتان


     كان الإعلام مؤسسيا مركزيا، بيد الحكومات الشمولية، أو الكيانات المرتبطة بالحكومات، كالشركات المنظوية في جماعات الضغط، الممولة للانتخابات، الداعمة للمرشحين، والتي تشكل جزءا لا يتجزأ من النظام الديمقراطي. يدور الإعلام في فلك المصلحة التي تدور، هي أيضا، في فلك السياسة. ثمة علاقة جدلية. ومنتجات الإعلام تمر بذات خط الانتاج. منتج صناعي، تضبطه إدارة وموارد وقوى عاملة وخطة. لا شيء يُترك للصدف. لا خروج عن النص. ويجري التهرب من رتابته إذا تفشت بتجديد محتواه وصيغه ووجوهه. إلا أن الرتابة تخيم، في النهاية، على المستهلكين (المتلقين)، فيسأمون. 


     أحدثت الكاميرا الخفية وتلفزيون الواقع وبرامج ما وراء الكواليس اختراقا نوعيا. ثمة عفوية تنساب في حشد من مصادفات أُريد لها أن تتدافع نحو الكاميرا، دون سابق ترتيب. واعدةً بما لا يُتوقع. خالقةً جوا ممتعا من التشويق والترقب. ربما لأنه واقع خام، غير مصنع ولا مختلق. 


     كانت ثورةً بوجه خط الانتاج المحكم والباعث على الملل. ثم حل عصر مواقع التواصل الاجتماعي، فتراجعت المؤسسة وطواقمها منالخبراء والفنيين. واندفع الفرد حرا، ينتج ما يرى ويسمع. ما يستهلك. تفكك خط الانتاج الصناعي المؤسسي. وانفض المستهلكون (المتلقون) من أمامه. عصر جديد، بمفاهيم جديدة. ومحاولة ضبط المحتوى في مواقع التواصل، بدعوى تنسيقه وإثرائه، أي مأسسته، تبدو محالة لفهم واستيعاب الوضع المستجد بمفاهيم ومناهج الوضع المتقادم. حنين لسلطة المؤسسة، لكن في واقع ديناميكياته تقود لأناركية، وعلى كافة المستويات تقريبا. العفوي المسترسل، المطعم بشيء من الضبط الفردي العشوائي. المعلومات المتناثرة في ثنايا لقطة سنابية لشخص عادي، يهرول على رصيف متآكل. هذا ما لعله يجعلني أرى من يثبتون الكاميرا على ذراع أو حامل، ثم يعالجون الصور والمقاطع، مجرد رجعيين، شموليون صغار. مثل عبيد أُعتقوا فجأة، فلم يعرفوا ماذا يصنعون بحرية فاضت عن حقيقتهم، فعادوا لرِق المؤسسة والخطة والمورد والخبير. 


     أقف متفرجا سلبيا، لأن كل استشراف لمستقبل هذه الأشياء، للتعامل معها، مأخوذ من تاريخ وحاضر أشياء أخرى، مختلفة. بينما هي لا تفتؤ تتمرد وتثور وتفرض اختلافها على من لم يفهمه. إنها ثورة إبداع المستقبل على قاعدة ومنهج الماضي. لهذا فكل من أصاب شهرة بسبب عفويته، يذهب ويستعين بخبراء وفنيين في الإعلام، إنما قد قرر أن يكون حوتا، جنح للمياه الضحلة حتى يموت على الشاطىء. لأنه لم يكن يدرك أن حياته إنما تستمر في أعماق الفوضى.


.

الاثنين، 9 نوفمبر 2020

الترامبيون العرب

 


     الترامبيون العرب، لا يؤمنون بالديمقراطية. بل ولا بالحرية. إنما بمسار حضاري متخيل. بيد أنه وصل (من وجهة نظرهم طبعا)، لنقطة تاريخية خطيرة، وانفتح على نقائضه ثقافيا، ما سيهدده بالانهيار وعودة بربريات محمية بدساتير ومؤسسات، هي ما تبقى من حضارة تلفظ أنفاسها الأخيرة تحت أقدام المهاجرين، وهم يتدافعون نحوها، بعد سقوط جدار روما العالي. ليحل السوقة محل السادة. ويسقط من حقهم أن يبقوا في الأعلى للأبد، على يد من خُلقوا للقاع، أبدا.

      ومتى ما حفرت الأرض التي تقف عليها هذه الآراء المتصلبة، فلن تجد إلا رفات عنصري، اخشوشنت يداه من فتل حبال كان يستخدمها لشنق عبيده الآبقين. 

     كانت الديمقراطية، بالنسبة لهؤلاء، أداة لانتقال السلطة بين أحزاب تتمتع بقدر كبير من الانسجام، ولا تختلف في العمق. إنها وسيلة لاحتواء آراء، مختلفة بعض الشيء، حول إدارة ما يبدو وكأنه قطاع قد فُرغ من تحديد طبيعته ومجاله ووظائفه ووجهته. وكل يعترض ما سبيله ليس إلا "إرهاب" الرداءة، يجب التصدي له، حتى ولو تطلب الأمر، إلغاء الديمقراطية والتحايل على الدستور، أي تعليق عمل "القطاع" كله، وإيقاف نموه، لحين تطهير المكان وإبادة "البرابرة". وفي مواجهة من هذا النوع، كل شيء مسموح، بل ومطلوب بشدة. المفارقة أن هذه الفكرة استولت على قناصلة روما وأباطرتها، ولو نجحوا في التصدي للبرابرة، لما كان لأوروبا والغرب الذي نعرفه أن يوجد من الأساس !

     مكر التاريخ يعلمنا أن التطور لا يدين لأحد، وليس خطةً لأحد. 

الاثنين، 26 أكتوبر 2020

رايات وحشود وأقلام .. ودهر

      على المثقف، في مسعاه "الأبدي"، للتنوير، أن يتحلى بالشجاعة لمواجهة مفتوحة، ضد السلطة أو المجتمع. وألا يتفوه إلا بما يعتقد أنه الحق. بيد أن "الحق"، كثيرا ما يكون عالقا في مقاربات معقدة، سياسيا واجتماعيا، وأحيانا استراتيجيا. وعلى نحو أبدي أيضا. نسمع ونقرأ عن مثقفين قد أزمعوا على مكاشفة الجموع الغفيرة بحقيقة أن حرية الرأي أكثر قدسية من كل مقدس. وأنها المطلق الوحيد في خضم النسبيات المقدسة. وأن قمعها يقود لضروب لا تُحصى من الفتن والتقهقر الحضاري عامة. وهو، على ما يبدو، انحياز خالص للقيمة بوجه شتى الاعتبارات المصلحية. في تصور مؤسس على وجود قيم خارج التاريخ، فوق الظروف، مبرأة من دنس المصالح وتقاطعاتها، وغير مشروطة ولا مرتهنة للحسابات والمقاربات الضيقة بالضرورة. لكن تاريخ القيم المؤلهة عند كل المثقفين، زاخر بالمقاربات والحسابات والمصالح، وكل انتصار لقيمةٍ ما، جاء كحاصل، غير مخطط له، وتقريبا غير مقصود للفاعلين في السياق التاريخي، إن كان ثمة من إرادة فاعلة مستقلة في التاريخ. فأشهر الثورات في التاريخ المعاصر؛ الأمريكية، الفرنسية، والروسية. لم تكن القيم الخالصة على جدول أعمالها عندما اندلعت، إلا كشعارات خفّاقة بغرض التعبئة والاحتشاد. مسيرة التطور البشري تزحف عمياء. والانتظام داخلها مغمور بالفوضى. لكن طبيعة معرفتنا تفضل اقتناص المنتظم المتتابع، في سلسلة من الأسباب والنتائج المضبوطة. هذا أسهل في التحليل والتنبوء، بيد أنه لا يعبر بالضرورة عن الواقع. ولا مناص من البناء على ما نعرف (أو ما نتخيل أننا نعرفه)، حتى لا نسقط في لا أدرية سلبية. وفي خضم هذه الميتافيزيقا يتعين إبقاء القيم فوق الواقع، كي لا يسقط على نفسه وعلينا. لكن أية قيم؛ التعايش أم الحرية ؟ هذا حديث آخر.

الاثنين، 17 سبتمبر 2018

الهكرز أحباب الله

التقنية بطبيعتها مركزة، خاضعة لحركة المال والسلطة، لأنها ببساطة عمل يتطلب موارد وتنظيمات، عقولا نادرة وأيدٍ ماهرة. أي أنه نشاط لا يزدهر إلا مؤسسيا، في المعامل والأكاديميات. ويصعب متابعة تطوره خارج أطر القانون. مما يجعله، في نهاية المطاف، تحت خدمة الحكومات وقوانينها (التي لا ترادف العدالة بالضرورة). العقل الفذ والخيال الموهوب ليست سوى شروط لتطور التقنية، ضمن شروط عديدة أملاها الواقع المركب.

طالما لم يفلت الذكاء الاصطناعي من يد الإنسان، فالتقنية ما تزال آلة، أو في مستوى الآلة، تسّهل كثير من الأمور. وتساعد على حل المشكلات بشكلٍ مدهش. تزيد من الانتاج وتعين على تطويق آثاره السلبية على الإنسان والطبيعة، لكن بشكلٍ أقل إدهاشا. ودورها في ضبط البشر ومحيطهم الاجتماعي والطبيعي يتزايد بطريقة باتت مقلقة، فقد زادت من سيطرة الحكومات على تحقيق الأمن الذي يتوقف عليه كل شيء، لكن لهذا مخاطره المحققة. فمضاغفة الصعوبات أمام أي خرق للأمن، أفرز ظاهرتين :

الجريمة المنظمة، وهي المعادل الموضوعي لأنظمة الحماية المتقدمة.

والحكومات المستبدة، وهي ثمرة الرقابة المددجة بالتقنية.


لكن ما الحل ؟ أعتقد في المزيد من الهاكرز. هم فرسان الثغرات التي سُرعان ما تُسد، ليتقدم النظام على اللا نظام بخطوة، لكنها كافية لخلق تفاوضات تملأ النظام بهواجس افتقاده للاحتكار، فتدفعه للنزول عن صدر الضحية، لتتنفس ولو قليلا. نعم قد يفلت -في ثنايا الخطوة- بعض المجرمين، لكن بالمقابل سينجو عدد أكبر من الأبرياء. لذا يجب ألا تتوقف الخطوة. إن انقراض تطبيقات وبرمجيات كسر البروكسي مثلا منذرة بعصور من الاستبداد والاستعباد، بصور تتلاءم وتطور التقنية.

السبت، 7 يوليو 2018

المستطيل الأحمر

هل كرة القدم تقرّب بين الشعوب أم تخلق حزازات إضافية، وتشحذ نِصال الانتماءات المتدافعة على الكأس وتزيدها حِدةً وقطعا ؟

الجموع المتزاحمة على المدرجات وهي تشق بحناجرها الفضاء لا تبحث عن سلام، بل عن ميدان صراع جديد، تنكّل فيه بعدو قديم. وتعبر عن كبرياء مجروح أو مغرور. كما وتفضح تواريخا طالما تظاهرنا بنسيانها. وطالما الأعلام الوطنية ترفرف، فالماضي مستدعى، والحسابات الأكثر من رياضية يجري تصفيتها بطريقة تفتقد لشجاعة المواجهة.

اللاعبون يبحثون عن مجد الأضواء والشهرة، والشعوب تبحث عن موارد للفخار والتبجح اللّفظي، خصوصا الشعوب المفلسة من إنجازات حقيقية. لكلٍ مكاسبه الخاصة. قليلون من يستمتعون باللعبة وحدها،  مثابرين على تنقيحها من لوث الانتماء والهوية. وقد يصفقون للهجمة الرائعة وهي تنقض نحو مرمى منتخب بلادهم، وربما قفزوا عن مقاعدهم منبهرين إذا ما تُوجت بهدفٍ مبدع. لكن هذا نادر الوقوع فيما أظن، مما يؤكد أن كرة القدم تلعب على الانتماءات التي لم تُشفَ من ذاكرتها الحقودة، لكن بصورة أقل عدوانية، فوق مستطيلٍ أخضر.

هل نقل الصراع للملاعب يخفف من وجوده في مجالات أخرى، خصوصا الحروب ؟ أشك. لكنها تعزز مشاريع الخصخصة الرياضية، وتدر المال لجيوب من لا ينتمون لغير مصالحهم الخاصة. ربما لهذا يتحدثون بنفاق عن الوئام الذي تبثه كرة القدم في صدور العالمين وتجمعهم للزعيق في وجوه بعضهم في مكان تحت السيطرة عوض التقاتل بالسلاح في مكان خارج السيطرة، أليس هذا جيدا ؟ امممممم !!

#كأس_العالم