السبت، 7 يوليو 2018

المستطيل الأحمر

هل كرة القدم تقرّب بين الشعوب أم تخلق حزازات إضافية، وتشحذ نِصال الانتماءات المتدافعة على الكأس وتزيدها حِدةً وقطعا ؟

الجموع المتزاحمة على المدرجات وهي تشق بحناجرها الفضاء لا تبحث عن سلام، بل عن ميدان صراع جديد، تنكّل فيه بعدو قديم. وتعبر عن كبرياء مجروح أو مغرور. كما وتفضح تواريخا طالما تظاهرنا بنسيانها. وطالما الأعلام الوطنية ترفرف، فالماضي مستدعى، والحسابات الأكثر من رياضية يجري تصفيتها بطريقة تفتقد لشجاعة المواجهة.

اللاعبون يبحثون عن مجد الأضواء والشهرة، والشعوب تبحث عن موارد للفخار والتبجح اللّفظي، خصوصا الشعوب المفلسة من إنجازات حقيقية. لكلٍ مكاسبه الخاصة. قليلون من يستمتعون باللعبة وحدها،  مثابرين على تنقيحها من لوث الانتماء والهوية. وقد يصفقون للهجمة الرائعة وهي تنقض نحو مرمى منتخب بلادهم، وربما قفزوا عن مقاعدهم منبهرين إذا ما تُوجت بهدفٍ مبدع. لكن هذا نادر الوقوع فيما أظن، مما يؤكد أن كرة القدم تلعب على الانتماءات التي لم تُشفَ من ذاكرتها الحقودة، لكن بصورة أقل عدوانية، فوق مستطيلٍ أخضر.

هل نقل الصراع للملاعب يخفف من وجوده في مجالات أخرى، خصوصا الحروب ؟ أشك. لكنها تعزز مشاريع الخصخصة الرياضية، وتدر المال لجيوب من لا ينتمون لغير مصالحهم الخاصة. ربما لهذا يتحدثون بنفاق عن الوئام الذي تبثه كرة القدم في صدور العالمين وتجمعهم للزعيق في وجوه بعضهم في مكان تحت السيطرة عوض التقاتل بالسلاح في مكان خارج السيطرة، أليس هذا جيدا ؟ امممممم !!

#كأس_العالم