الخميس، 17 نوفمبر 2016

دعِ الكوارث تعمل .. دعها تمرّ



     منطقتنا أحوج ما تكون للاستقرار، لكن من المؤسف القول إنه ليس في متناول اليد، الكثير من الحطب مركومٌ للآن. هل نستحق ما يجري لنا ؟ هل اضطراب المنطقة محصّلة طبيعية للوضع الذي يعيشه أهلها، اقتصادا وفكرا وسياسة ؟ تختلف الإجابات، لكن أعتقد أن مقارنة وضعنا بوضع الكثير من الأمم يؤكد أن لمشكلاتنا حيثيات نحن منها محل الرأس والقلب، اقتصادا وفكرا وسياسة. نحن المسؤولون عنها أصالةً. في المجمل، المجتمعات تساوي اقتصادها وفكرها وسياستها، تردّيها في هذه الأمور لا يعني سوى فشلها. كل شخص يعادل منجزاته، هذه هي العدالة. لم يُمنحوا فرصتهم كاملة، هاه ؟ وهل النجاح شيءٌ غير خَلْق الفرص أو انتزاعها ! المستكينون لظروفهم مكانهم الذيل، هذه هي العدالة مرّة أخرى.

     المقارنة بين التجارب لا تستوجب البصق في وجه أحد، كل ما هنالك أننا ندخل المدرسة التي تخرّجت منها مجتمعات أخرى. الكارثة فصل تربوي، لا أكثر. والتسخّط على الأقدار ناجمٌ عن الجهل بها، هذا ما يقوله هيجل على الأقل، إذ الصياح على الطماطم الخضراء لن يدفعها للاحمرار قبل الأوان، وتكسير السياط على ظهر الحَمَل لن تجعل منه خروفا في ساعة. أكثر من يموت اليوم، هم أناس فشلوا أن يعيشوا. يتساقطون ضحايا من لم يحالفهم التوفيق ويكونوا الجناة أو المتآمرين. إذن، دعِ الكارثة تمر، دعها تعمل. الطبيعة تسلك دربها بسلاسة.

    فهم الأمور بهذا الشكل مريح نفسيا، كما أنه مفيد عمليّا. هدر الوقت في اللّغط المتشائم واستهلاك الأعصاب لن يغيّر شيئا على المستوى العام. سيكلّ المتخاصمون وتنكسر قطعياتهم ويركنون راغمين إلى ما سيكون "العيش المشترك"، بعد أن تغرق حواضنهم الاجتماعية في الوحل. إذا عجز اليقين عن تحويل الواقع، انقلبَ عليه الواقع وأحاله شكّا يعلو صوته حتى يجلجل فوق المنابر، وصرفَ الناس عنه لشيءٍ آخر : المصلحة، العقل، العلم، اللّهو، الخ. المهم ألا تخضع الحقيقة الماثلة (العيش) لمقتضيات شيءٍ غائب (الإيمان). وعوض الانكباب على تحليل ما يحدث، على المثقف تدبير قارب نجاة تحسّبا لفشل الناس في تحديد صوت الهدير القادم من بعيد، إذا ما كان فيضانا مغرقا أم رعدا قاصفا !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق