الاثنين، 9 نوفمبر 2020

الترامبيون العرب

 


     الترامبيون العرب، لا يؤمنون بالديمقراطية. بل ولا بالحرية. إنما بمسار حضاري متخيل. بيد أنه وصل (من وجهة نظرهم طبعا)، لنقطة تاريخية خطيرة، وانفتح على نقائضه ثقافيا، ما سيهدده بالانهيار وعودة بربريات محمية بدساتير ومؤسسات، هي ما تبقى من حضارة تلفظ أنفاسها الأخيرة تحت أقدام المهاجرين، وهم يتدافعون نحوها، بعد سقوط جدار روما العالي. ليحل السوقة محل السادة. ويسقط من حقهم أن يبقوا في الأعلى للأبد، على يد من خُلقوا للقاع، أبدا.

      ومتى ما حفرت الأرض التي تقف عليها هذه الآراء المتصلبة، فلن تجد إلا رفات عنصري، اخشوشنت يداه من فتل حبال كان يستخدمها لشنق عبيده الآبقين. 

     كانت الديمقراطية، بالنسبة لهؤلاء، أداة لانتقال السلطة بين أحزاب تتمتع بقدر كبير من الانسجام، ولا تختلف في العمق. إنها وسيلة لاحتواء آراء، مختلفة بعض الشيء، حول إدارة ما يبدو وكأنه قطاع قد فُرغ من تحديد طبيعته ومجاله ووظائفه ووجهته. وكل يعترض ما سبيله ليس إلا "إرهاب" الرداءة، يجب التصدي له، حتى ولو تطلب الأمر، إلغاء الديمقراطية والتحايل على الدستور، أي تعليق عمل "القطاع" كله، وإيقاف نموه، لحين تطهير المكان وإبادة "البرابرة". وفي مواجهة من هذا النوع، كل شيء مسموح، بل ومطلوب بشدة. المفارقة أن هذه الفكرة استولت على قناصلة روما وأباطرتها، ولو نجحوا في التصدي للبرابرة، لما كان لأوروبا والغرب الذي نعرفه أن يوجد من الأساس !

     مكر التاريخ يعلمنا أن التطور لا يدين لأحد، وليس خطةً لأحد. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق