السبت، 25 أبريل 2015

الحوثيّون إلى المجهول


     كما لو أنهم يتأهبون لعملٍ انتحاري يائس، خرج القيادي الحوثي، محمد البخيتي، الليلة الماضيّة على قناة الميادين معلّقا على البيان الذي أصدره الرئيس المخلوع علي صالح، وقال إنهم غير معنييّن به ! كما أعرب عن رفضه القاطع لقرار مجلس الأمن الذي دعاهم علي صالح إلى تنفيذ بنوده، حيث ينص على وجوب سحب الحوثيين " قوّاتهم من المؤسسات الحكومة، بما في ذلك المؤسسات الموجودة في العاصمة صنعاء، وتطبيع الحالة الأمنية في العاصمة والمحافظات الأخرى، والتخلي عن المؤسسات الحكومية والأمنية، والإفراج بأمان عن جميع الأشخاص الموضوعين رهن الإقامة الجبرية أو المحتجزين تعسفيا "، كما يدعو القرار " كلّ الأطراف اليمنيّة، ولا سيما الحوثيون، إلى الالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، وبنتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة "، وكان رأي البخيتي أنه قرار غير واقعي، وأشار إلى أن تركهم السلاح يجب أن يكون نتيجةً للحوار والمفاوضات، فيما القرار الدولي ينصُّ حرفيّا على خلاف ذلك.

     صالح تخلّى عن الحوثيّين، حتما هنالك أسباب كثيرة دفعته للانسحاب بلا صمت، كالانشقاقات في صفوف حزبه التي لاحتْ في الأفق، إضافةً لمعرفته كعسكري مخضرم أن الحرب -وإن طال أمدها- خاسرةٌ لا محالة، فليرفعْ الراية البيضاء قبل أن تصير كفنه. لكن الحوثيّين قرّروا المضي قدما في مشروعهم المسلّح للاستحواذ على اليمن، مع علمهم المسبق أن قرار مجلس الأمن جاء تحت البند السابع، ما يخوّل المجلس استعمال القوّة لفرضه، الأمر الذي يجعل من إصرارهم على النحو انتحارا محقّقا، إذ سدُّوا الطريق حتى على من يريد أن يمدَّ لهم يدَّ العون.

     كنتُ أرى أن ذلك القرار الدولي هو أقوى ضربة وُجّهت للحوثيّين وأنصارهم، وأظنه حسم المعركة مبكّرا، حيث ساهم -كما رأينا- في تفكيك الحلف بين صالح والحوثيّين، لينفد بجلده ويتركهم يواجهون العالم (لا السعوديّة وحلفائها فحسب) وليس معهم سوى حجّةٍ داحضة وعناد قروي. القرار الذي ضاعف من شرعيّة الحملة العسكريّة منع الحوثيّين منعا باتّا من ترجمت انتصاراتهم العسكريّة سياسيّا، حتى لو اجتاحوا عدن وغيرها. كم ضربةً يحتاجها الحوثيّون ليعلموا ألّا فائدة تُرجى من الموت بالقذائف السعوديّة، اللهم إن كان زيود اليمن يرغبون، وبروحٍ استشهاديّة، في دفع ثمن بقاء بشّار في الشام، وهيهات !