الاثنين، 3 أغسطس 2015

قصّة قصيرة وحقيقيّة جدا (الفقيد المجهول)


     أيام المتوسط كان طريق رجوعي من المدرسة يمر ببقالة صغيرة، يجلس فيها شيخ هرم، نائم طوال الوقت. أدخل وأفتح الثلاجة وآخذ علبة ببسي ثم أضع الريال على الطاولة وأخرج. أقوم بكل تلك الأعمال بشكلٍ طقسي مطبق الصمت. أشهر على هذا الحال، يتكرر الحدث ظهيرة كل يوم مدرسي تقريبا. ذات أربعاء مشمس دخلتُ البقالة، كالعادة، فوجدت ولدا يمنيا يكبرني قليلا، يجلس على كرسي الشيخ الهرم، استغربت، شعرت أن حلوله في مكان الشيخ شيءٌ لا ينبغي، وقاحة لا أعرف سببها. وبعد أن قمت بطقسي اليومي : الصمت، فتح الثلاجة، آخذ علبة ببسي، وضع الريال على الطاولة .. فتحت فمي وسألت الولد : وين الشيبة اللي كان هنا ؟ رد بسرعة صفعة مباغتة : مات !

     اجتاحتني موجة بكاء لم أتوقعها أبدا، خشيت من قوتها المفاجئة أن أتقيأ أمامه، فسقط الببسي من يدي على الطاولة وركضت للخارج تداركا لانهيارٍ بدا وشيكا وفاضحا. ولليوم وأنا حائر في سر صدمتي العنيفة وحزني العميق على غياب شخصٍ لم يجمعني به سوى صمت متبادل !